الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.مطلب الحيوانات والجمادات التي تحشر وتبقى ورمي الجمار والحكم الشرعي في الأضحية: وهذا الكبش وحمار عزير وكلب أهل الكهف وعصا موسى وناقة صالح تحشر وتبقى في الجنة كما جاءت بها الأخبار، أما غيرها من الحيوانات والجمادات عدا التي عبدت من دون اللّه فستكون ترابا واللّه أعلم.قال ابن عباس لو تمت ذبيحة إسماعيل عليه السلام لصار على الناس ذبح أولادهم سنة ولكن اللّه لطف بعباده ففداه ولهذا صارت الأضاحي سنة أو واجبة على اختلاف فيها بين المذاهب.قالوا وتعرض الشيطان لإبراهيم في المشعر محل الذبح في منى فسابقه فسبقه إبراهيم ثم ذهب إلى جمرة العقبة فتعرض له الشيطان أيضا فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات أيضا حتى ذهب، ثم أدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات أيضا حتى ذهب، فصار الرمي منذ ذلك الزمن عادة للحاج إلى ظهور البعثة النبوية، فجعل من سنن الحج، وهو واجب في مذهب الشافعي، وفي تركه نسك وعدد الحصى التي يرمي بها سبعون حصاة سبع يوم العيد وثلاث وستون أيام التشريق الثلاث كل يوم واحد وعشرون لكل موقع من مواقع الرمي سبع، وفي رواية أخرى أن ابراهيم عليه السلام بعد بناء البيت أخذ جبريل عليه السلام يريه مناسكه ويعلمه ما ينبغي لعبادة اللّه وحده وإذا بإبليس عليه اللعنة تمثل له في مواطن الجمرات فقال له جبريل كبر وارمه سبع حصيات ففعل.فعلى المسلم أن يستشعر هذا بقلبه ويبعد عنه بلسانه عند الرمي فهي حركة صغيرة تعبر عن عاطفة كبيرة يستعين بها أثناء عبادته في درء نزعات الشيطان واخلاص العبادة للرحمن، وقال الغزالي في الاحياء فليقصد برمي الحجار الانقياد للأمر وإظهار الرق للعبودية وانتهاض الامتثال والتشبه بإبراهيم عليه السلام، وما قيل إن محل الرجم قبر أبي رغال قيل كاذب لأنه ليس في هذه الأمكنة وقبره معروف في محل واحد والرجم في ثلاث محال فلو كان لكان الرجم في مكان واحد وقدمنا ما فيه في سورة الفيل ج 1 فراجعه، قالوا ولما ذبح الكبش قال جبريل اللّه أكبر فقال إسماعيل لا إله إلا اللّه واللّه أكبر فقال ابراهيم اللّه أكبر وللّه الحمد فصارت سنة عند الذبح وفي الحج وبعد الصلوات في العيد من زمن ابراهيم إلى يومنا هذا وإلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها، الحكم الشرعي: وجوب الأضحية على كل من ملك النصاب عند أبي حنيفة، ومن نذر أن يذبح ابنه لربه ذبح شاة استدلالا بهذه القصة وقال بقية الأئمة بسنيتها، هذا وقال أهل الكتابين وبعض علماء الإسلام أن الذبيح هو إسحق وبه قال عمر وابن مسعود والعباس من الأصحاب، ومن التابعين سعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة وعطاء ومقاتل والزهري والسدي وقول لابن عباس إذ كانت هذه الرؤيا بالشام، وإنه ذهب به إلى النحر في منى وفداه اللّه كما مر في القصة، وقال عبد اللّه بن سلام وأبو بكر وابن عمر وابن عباس من الأصحاب، ومن التابعين الحسن وسعيد بن المسيب والشعبي ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وفي رواية عن عطاء بن أبي رباح ويوسف بن ماهك عن ابن عباس والمقوس أنه إسماعيل، وحجة القول الأول أن اللّه تعالى قال وبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي أمر بذبح من بشر به وليس في القرآن أنه بشر بغير إسحق، وقال تعالى في سورة هود {وبشرناه بإسحاق} وقال تعالى في هذه السورة {وبشرناه بإسحاق نبيا} بعد قصة الذبح بما يدل على أنه تعالى إنما بشره بالنبوة لما تحمل من المشقة في قصة الذبح وأن أول الآية وآخرها يدل على أنه إسحق وقد مر في سورة يوسف أن يعقوب لما كتب الكتاب لعزيز مصر كتب من يعقوب بن إسحق ذبيح اللّه بما يدل على أنه هو الذبيح، وحجة القول الثاني أن اللّه تعالى ذكر البشارة بإسحاق في السور الأخر غير هذه بعد الفراغ من قصة الذبح، فقال تعالى: {وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} بما يدل على أن الذبيح غيره ولقوله في سورة هود {فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ} فكيف يأمره بذبح إسحق وقد وعده بأنه سيأتي منه حفيد له اسمه يعقوب، وقال تعالى: {وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً} الآية 74 من سورة الأنبياء الآتية، وكرر معناها في سور أخرى فلو كان المذبوح إسحق لما بشره ربه بأن يكون له حفيد منه وهذا القول وحده كاف الدلالة على أن الذبيح إسماعيل إذ لو كان الذبيح إسحق لحصل الشك لسيدنا إبراهيم بصحة الرؤيا لأن اللّه وعده بأنه سيتزوج ويأتي له ولد اسمه يعقوب فكيف يأمر بذبحه؟ هذا وأن وصف إسماعيل بالصبر دون إسحق يدل على أنه هو الذبيح لما فيه من المناسبة الصريحة ولأنه وصف بصدق الوعد بقول تعالى: {إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ} الآية 153 من سورة مريم المارة في ج 1 حيث وعد أباه بالصبر والموافقة على ذبحه والامتثال لأمر ربه حين قص عليه رؤياه وقد وفى بذلك، وهذا كله يدل دلالة كافية على أن الذبيح هو إسماعيل ويؤيد هذا أن قرني الكبش كانتا معلقتين على الكعبة في أيدي ولد إسماعيل، وبقيت كذلك، إلى أن احترقت زمن ابن الزبير، قال الشعيبي رأيت قرني الكبش موطنين في الكعبة، وقال ابن عباس والذي نفسي بيده لقد كان أول الإسلام وان رأس الكبش لمعلق بقرنين في ميزاب الكعبة وقد وحش أي يبس.وقال الأصمعي سألت أبا عمر بن العلاء عن الذبيح أإسحاق أم إسماعيل، فقال يا أصمعي أين ذهب عقلك متى كان إسحق بمكة إنما كان إسماعيل، وان اليهود تعلم ذلك، ولكن يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم ويدعون أنه إسحق لأنه أبوهم.والقول الفعل ما جاء عن خاتم الرسل أنه قال أنا ابن الذبيحين يعني جده إسماعيل وأباه عبد اللّه، لأن عبد المطلب كان نذر لأن بلغ عدد بنيه عشرة ليذبحن أحدهم وهو آخرهم، وقد حقق اللّه له ذلك وبادر بذبحه ثم تحاكم إلى الأزلام فوضع عشرة من الإبل وابنه فوقع على ابنه ثم وضع عشرين وضرب الأزلام فوقعت على ابنه وهكذا حتى بلغت ماية من الإبل فوقعت عليها ففداه بها وذبحها كلها، ولذلك صارت دية الرجل مائة من الإبل من ذلك اليوم وأقرها الإسلام، وسئل أبو سعيد الضرير عن ذلك فأنشد:قال تعالى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ} بالنبوة والرسالة والنّصر {وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما} المؤمنين {مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} وهو الاستعبار من فرعون وقومه القبط ولا كرب أعظم من الرق والأسر {وَنَصَرْناهُمْ} جمع الضمير باعتبار أن النصر لهما ولقومهما المؤمنين بهما على القبط وملوكهم أجمع وإلا ففيه دلالة على أن الجمع يكون على ما فوق الواحد كما سيأتي في الآية 78 من سورة الأنبياء الآتية {فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ} عليهم بنصرتنا لهم {وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ} البليغ في بيانه المستنير في هدايته وهو التوراة، والإتيان لموسى خاصة ولما كان هارون يعمل معه فكأنه أوتيه لأنه مرسل مثله وقد كذب اليهود بإنكار رسالته وشوهوا التوراة بتحريفها وشطب ذلك منها وغيره مما يتعلق برسالة محمد صلّى اللّه عليه وسلم {وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} الموصل من تمسك به إلى الجنة في الآخرة فكل من سلكه بإحسان ومات على ذلك إلى بعثة عيسى ابن مريم فهو ناج وكل من تمسك بالإنجيل إلى بعثه محمد فهو ناج إذا مات قبل البعثة أو صدق بها وآمن بمحمد وإلا فهو هالك {وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ} ثناء حسنا دائما ما تعاقب الجديدان وهو {سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ} في الدنيا والآخرة {إِنَّا كَذلِكَ} مثل هذا الجزاء الذي جزيناهما به {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} على عملهم من عبادنا أجمع {إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} بنا المخلصين لنا. .مطلب قصة إلياس عليه السلام وقسم من قصة لوط عليه السلام: قال تعالى فيما قصة على نبيه أيضا بعد تلك القصص {وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} إلى أهل بعلبك وهو إلياس بن يس وقيل ابن بشير وهو ضعيف جدا بل هو ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون عليه السلام بن عمران وما قيل إنه إدريس ضعيف أيضا ومخالف للظاهر ولا مستند له إلا الظن وهو لا يغني شيئا في الاستدلال على الحق إذ بين إدريس وإلياس قرون كثيرة لأنه من آدم وإلياس من نوح وإدريس لم يبعث بعد إلى أهل بعلبك فهو قول مخالف للنص تدبر، وراجع الآية 85 من سورة الأنبياء الآتية بشأن نسبه {إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ} وكانوا من بني إسرائيل ولذلك أضيفوا إليه {أَ لا تَتَّقُونَ} اللّه وهو في الجملة وما بعدها مقول قوله عليه السلام {أَ تَدْعُونَ} باستغاثتكم وتطلبون في حوائجكم وترجون في مهماتكم {بَعْلًا} هو اسم صنم لهم يعبدونه وقد أول بعضهم تدعون بيعبدون وهو هنا خلافه الظاهر كما ترى في هذه الآية وإلا فانه يأتي دعى بمعنى عبد، ويصح المعنى في مواضع كثيرة راجع الآية 48 من سورة مريم في ج 1 وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ 125 فلا تسألونه وهو خالقكم والصنم من خلقكم الذي هو من خلق اللّه أيضا لأن العبد مخلوق للّه وصنعه مخلوق للّه أي انكم بفعلكم هذا تتركون {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ} وهذه كلها بالنصب صفة لأحسن الخالقين المتقدم {آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} هو أحق أن تلجأوا إليه في أموركم وهو أحرى بأن يجيبكم لأن هذا الصنم لا يضر ولا ينفع ولا يعقل ولا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم فكيف ترجون منه ما تأملون فلم يصغوا {فَكَذَّبُوهُ} ولم يلتفتوا إليه ولم يعبئوا بنصحه ولم يعتنوا به قال تعالى مهددا لهم على استخفافهم {فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} يوم القيامة فنحاسبهم ونجازيهم على كفرهم بالنّار التي لا يسلم من عذابها {إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} له الذين استخلصهم لعبادته {وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} ثناء مستمرا ما بقي الملوان وهو {سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ} أي إلياس وقومه كما تقول، المحمديين واليسوعيين والموسويين، وهذا مما يؤيد أن أباه يسن كما ذكرنا لا بشر {إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في الدنيا إحسانا في الآخرة جزاء إحسانهم ومثل ذلك الجزاء الحسن نجزي نبينا إلياس {إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} بنا المصدقين لرسلنا.وخلاصة قصته على ما قاله الأخباريون هو أنه لما مات حزقيل عليه السلام كثر الفساد في بني إسرائيل وعبدوا الأصنام فبعث اللّه تعالى لهم إلياس نبيا وكان الأنبياء بعد موسى يبعثون بتجديد أحكام التوراة وكان يوشع لما فتح الشام قسمها على بني إسرائيل فأصاب سبطا منهم بعلبك ونواحيها وهم الذين بعث إليهم إلياس وكان ملكهم اسمه آجب، قد ضل وأضل وأجبرهم على عبادة الأصنام، وكان لهم صنم يسمى بعلا مصوغا من الذهب بطول عشرين ذراعا وله أربعة أوجه وقد فتنوا به وجعلوا له أربعمائة سادن وسموهم أنبياء، وكان الشيطان يدخل ويتكلم بما يضللهم فيحفظونه السدنة ويأمرون الناس به وصار إلياس عليه السلام ينهاهم عن عبادته ويأمرهم بعبادة اللّه فلم يذعن لدعوته إلا الملك فإنه آمن به واسترشد برشده وكان له زوجة جبارة يستخلفها عند غيابه فاغتصبت جنته من رجل كان يتعيش بها فلما عارضها قتلته فأمر اللّه إلياس أن يخبر الملك وزوجته بان اللّه غضب عليهما باغتصابهما الجنّة وقتل صاحبها لأن الملك لما لم يردعها عدّ راضيا بفعلها وأن يخبرهما بأنهما إذا لم يردا الجنة لورثته يهلكهما فيها ولا يتمتعان بها إلا قليلا فأخبرهما إلياس فاشتد غضب الملك عليه وقال له يا إلياس ما أراك تدعو إلا إلى الباطل، وهمّ بقتله فهرب إلياس وارتد الملك عن الإيمان ورجع إلى عبادة الأوثان وبقي إلياس مستخفيا بين الجبال سنين وهم يتحرونه ولم يقفوا على أثره، فضاق صدره عليه السلام، وسأل اللّه أن يميته، فقال تعالى له ما هذا وقت إعراء الأرض منك، لأن صلاحها بك، فقال يا رب أعطني ثأري من بني إسرائيل، قال ما تريد، قال اجعل خزائن المطر بيدي ثلاث سنين، فإنه لا يذلهم إلا هذا، فأعطاه اللّه ذلك ومنع عنهم المطر فهلكت الماشية والهوام والشجر وجهد إلياس، وهو لم يزل مستخفيا وقد عرف قومه أن البلاء جاءهم بسببه، فمر ذات يوم بعجوز منهم فضافها فأخرجت له قليلا من الدقيق والزيت، فأكل ودعا لها بالبركة فلم تحس إلا وقد ملئت جربانها دقيقا وخوابيها زيتا، فاطلع الناس عليها وعلى ما عندها من الخير، فقالوا لها من أين لك هذا، قالت ضافني رجل فقدمت إليه ما عندي من دقيق وزيت فأكل ودعا لي بالبركة، ومنذ فارقني رأيت أجربتي ملئت دقيقا وخوابيّ زيتا ووصفته لهم فعرفوه، وطفقوا يطلبونه يمينا وشمالا شرقا وغربا فلم يجدوه، ثم انه أوى إلى بيت عجوز أخرى لها ابن يقال له اليسع بن أخطوب وكان مريضا فدعا له فعوفي بالحال وآمن به، ثم إنه لما رأى ما حل بقومه من الضيق والضنك رقّ لهم ورأف بهم فأظهر نفسه إليهم مفاديا بها طلبا لإيمانهم به ورجوعهم إلى عبادة اللّه وتركهم الأوثان بعد أن آنس منهم الركون إليه والالتجاء إلى ربه، وقال لهم قد هلكتم وهلك كل شيء بخطيئتكم فأخرجوا أصنامكم واستسقوا بها، فإن مطرتم فذلك كما تقولون وإلا فيتحقق لديكم أنكم على باطل فتنزعون عن عبادتها، ثم إني أدعو اللّه ربي فإذا أفرج عنكم آمنتم به وتركتم الأوثان، قالوا لقد أنصفت فخرجوا وأخرجوا أصنامهم، ودعوا فلم يستجب لهم، ولم يزالوا حتى أظهروا عجزهم وعجز آلهتهم، وكلفوه بأن يدعو هو إلهه، فشرع عليه السلام يدعو واليسع يؤمن على دعائه وقد انتهت المدة التي منع اللّه بها السماء أن تجرد عليهم حسب طلبه السابق، فأغاثهم اللّه تعالى غيثا جلل أراضيهم كلها، فحييت واخضرت ودبت الحياة بمواشيهم وترعرعوا وتنفسوا من ألم القحط وتروحوا من الجدب لكثرة ما أفاض اللّه عليهم من الخير الذي أدرّ الضرع وأكثر الزرع، فنكثوا بعهودهم ونقضوا وعدهم وأصروا على كفرهم، لأن النعم التي غمرتهم أنستهم ما كانوا عليه من الشدة وصاروا يسخرون بنبيهم كلما يدعوهم إلى الإيمان ويطالبهم بالوفاء بالعهد، وقد أيس من إيمانهم فدعا اللّه أن يريحه منهم، فأجاب اللّه دعاءه وقال له أخرج إلى موضع كذا لمكان عيّنه له وما جاءك فاركبه ولا تخف، فخرج هو واليسع وإذا بفرس من نار دنت منه فوثب عليها فانطلقت به في الهواء فناداه اليسع بماذا تأمرني فألقى إليه رداءه فاستدل به على استخلافه فلبسه ورجع يدعو الناس إلى طاعة ربه واقتفى آثار دعوة إلياس عليهما السلام، قالوا وان اللّه تعالى قطع عن إلياس الحاجة إلى الطعام والشراب فصار إنسيا ملكيا أرضيا سماويا وكأنه لهذه الحكاية قال بعض المفسرين إنه إدريس عليه السلام لما أشار إليه في الآية 57 من سورة مريم بقوله: {وَرَفَعْناهُ مَكانًا عَلِيًّا} في ج 1، مع أن إدريس كان رفعه على غير هذه الصورة راجع قصته في الآية المذكورة، على أن القصص كلها ما لم تستند إلى آية أو حديث لا عبرة بها.
|